في زمن الآلة و الصناعة و المكننة و التقنية الحديثة يتنفس البعض شوقا و انشدادا لكل ما هو طبيعي فبعد أن ضرب التلوث و تفشت الأمراض الغريبة ها هو الغرب يعود متوسلا مناديا صارخا باحثا عن وسائل تأمين حياة آمنة تحقق له موفور الصحة لقد بدأت أحزاب الخضر و أنصار الطبيعة يعلو صوتها بل غدت في المجتمعات الأوروبية تيارات فاعلة و مؤثرة في الشأن السياسي و الفلاحي و الصناعي باعتبارها منشغلة بسلامة الكائن البشري الذي يمثل الرصيد و الهاجس الذي تنطلق منه لتعود عليه بالنفع و الفائدة فالنموذج الغربي يرتد إلى الموروث و الطبيعي محدثا قطيعة مع العصرنة و المادية التي سلبت الإنسان إنسانيته و في منطقتنا العربية ظلت هذه الأصوات نشازا يركب التحدي للعراقيل العديدة لعل أهمها الجهل و تزداد المهمة صعوبة كلما كان الجمهور قرويا ... ويبقى فضل المحاولات أنها تأكيد على أن النجاح ممكن و التميز حاصل لو كبرت الأحلام و أصرالجمع و عض بالنواجذ إن الوعي الغربي بقيمة الطبيعة لم يأت من فراغ بل جاء نتيجة تضحيات و لعل أنصار الطبيعة العرب سبقوا الرومنطيقية الحديثة فمن منا لا يعرف ابن خفاجة و ابن الأبار ...لم يكن هؤلاء صوتا نشازا بل كانوا انعكاسا لواقع أندلسي تغنى بالطبيعة و استلهم عذوبة الصور من جمالها و لايمكن أن تكون هذه النافذة إلا صوتا سابقا للحظة منشدا إلى تلك الأصول إنها قراءة مميزة تنبئ أن أصحاب المشروع مصرون على بعث الحياة في الأموات و أنا واثق أنهم سيزرعون البسمة لما عرفته فيهم من اندفاع و عزم و ركوب للصعب ... تبدو الطريق شائكة و لكن ما أجمل الأحلام و هي تنمو كبارا
و للحديث بقية
و للحديث بقية